ظفار.. عندما يزورها القادة تتبعهم الشعوب

 

 

 

د. أحمد بن علي العمري

غادر جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين الشقيقة، سلطنة عُمان يوم الثلاثاء الموافق 26/8/2025 عبر المطار السلطاني الخاص في صلالة، بعد زيارة خاصة لمحافظة ظفار امتدت لعدة أيام، وكان في وداعه -كما كان في استقباله- حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بحضور عدد من أصحاب السمو والمعالي، في بادرة جميلة بأن يزور قائد خليجي وعربي محافظة ظفار، وهي في أبهى حللها وزينتها متوشحة بجمال الخريف والطبيعة الخلابة وبهائها المنقطع النظير وفصلها الاستثنائي المميز.

هذا في حد ذاته أكبر وأسمى ترويج للسياحة في ظفار، ونحن جميعًا سعداء في ظفار، بل وفي سلطنة عمان قاطبة أن يستقبل مولانا -حفظه الله وأطال لنا في عمره- ويدعو من لدنه خلال هذه الفترة البديعة القادة لزيارة هذه المحافظة الفريدة التي حباها رب العالمين بفصل يختلف عن كل فصول العالم. وهذه إحدى بوادر الحكمة السلطانية المتزنة والهادفة، والنظرة الثاقبة التي تنظر لما هو آتٍ من لدن المقام السامي -حفظه الله ورعاه- بأن يطرق بين الحين والآخر أحد مقومات التنمية داعمًا لها، أو موجّهًا لها، أو متخذًا خطوات فعلية للاقتداء بها في قادم الوقت.

لقد لاحظ الجميع، وعلى مستوى العالم أجمع، ارتفاع درجات الحرارة في الكون كله بلا استثناء إلى مستويات لا تُطاق، وحتى في أوروبا نفسها؛ الأمر الذي يؤكد حكمة ورؤية ثاقبة من لدن مولانا المُفدّى -أطال الله في عمره- لدعوة القادة لزيارة المحافظة في هذا الفصل، ليعلم العالم المكنونات والمكتنزات التي تحويها عُمان. فلربما نرى في قادم الوقت قادة دول الخليج والعرب وحتى العالم يتوافدون لهذا الجزء الغالي من سلطنة عمان الحبيبة في صيفها المتميز وفصلها الاستثنائي.

ولعل زيارة جلالة ملك البحرين بادرة خير تعقبها زيارات مشابهة في عهد هيثم الخير. وطبعًا، ومؤكد أنه عندما يزور القادة أي منطقة، فنتيجة حتمية وطبيعية أن تتبعهم شعوبهم. وعُمان بلد يتكامل ويتعاضد ويتساند في وحدة لا مثيل لها.

إن الزيارات عندما تبدأ من عالي الهرم فهذا بحد ذاته ترويج على مستوى عالٍ جدًا؛ فكل شيء يبدأ من القاعدة إلى الأعلى، إلا الترويج الذي يجب أن يبدأ من الأعلى. ولاحظنا العديد من الدول التي تروّج لسياحتها وهي تملك أقل من ربع ما تملكه السلطنة، وهذا حقهم طبعًا، فكلٌّ يفتخر بما لديه، فلماذا لا نحذو حذو الآخرين ونحن لدينا كل المكونات وجميع الإمكانيات؟

ظفار من بين مناطق مختلفة حول العالم التي تُرفع فيها المظلات في الصيف، ليس من شدة الحر وإنما اتقاءً لرذاذها الماطر الناعم.

وقبل أن أنهي مقالي هذا، لدي نداءان مهمان من وجهة نظري، وهما:
أولًا: أن يتم التنسيق بين جميع المكونات وأجهزة الدولة على العمل المشترك، وأعتقد أن أولى هذه الجهات وأهمها وزارة التربية والتعليم؛ إذ ليس من المعقول أن يغادر الجميع المحافظة. فمنذ أسبوع بدأ المعلمون عامهم الدراسي، وبعدها بأسبوع الطلبة الذين بدأوا عامهم الدراسي يوم الأحد الماضي، والخريف في ذروته وعز عطائه ولم يزل رذاذه ينسكب وهو في أوجه. فقد كان من الأفضل أن يستمر العام الدراسي إلى نهاية يونيو؛ حيث لاحظنا في الأعوام الماضية أن تبدأ الإجازات الصيفية من مايو وتنتهي في أغسطس، فلماذا لا تستمر الدراسة إلى يونيو أو حتى يوليو، على أن تستمر الإجازة حتى سبتمبر ليستمتع الناس بخريف بلادهم، وتبدأ الدراسة في نهاية سبتمبر أو على الأقل في العشرين منه. وقد سجل زوار الخريف أن العدد الأكبر من الزوار هم من أبناء المحافظات في السلطنة، وقد وفر هذا على العمانيين تكلفة السفر الخارجي. ثم إن مدارس الجبل في محافظة ظفار لا تبدأ إلا بعد الخامس عشر من سبتمبر؛ فلماذا لا يُعمم هذا على بقية مدارس السلطنة؟ المهم في الأمر تنفيذ المناهج الدراسية فقط، إنما بشيء بسيط من إزاحة المواقيت.

ثانيًا: لماذا هذا التضارب في مواقيت المهرجانات؟ وأنا أول المطالبين بتعدّدها على مستوى السلطنة، وهذه بوادر طيبة وجهد يُشكر عليه القائمون على هذه المناشط والفعاليات، وربما كنت سبّاقًا في الكتابة في هذا التوجه. لكن ليس من المعقول والمنطق أن تقيم ظفار مهرجانًا يتزامن مع ليالي مسقط أو أي محافظة أخرى، وكذلك لا تُقيم أي محافظة مهرجانًا يتزامن مع مهرجان مسقط أو ظفار؛ لأننا نريد أن نتكامل لا أن نتنافس، لأن المحصلة النهائية واحدة، والتنافس لا يخدم أحدًا أبدًا. وكل ما في الأمر أن يتم التنسيق، وهذا ليس ببعيد خاصة بعد توحيد المحافظات في النهضة العمانية المتجددة.

 

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.

الأكثر قراءة